سيرافقكم رصيف22 في رحلة للجنة القمرية، فاستعدوا لتسلق الجبال والغوص برفقة الحيتان واللهو مع الدلافين، وسنترك لكم بعض الوقت للاسترخاء على الشواطئ الساحرة التي تزينها الشعاب المرجانية والأسماك النادرة، قبل أن نتوجه لزيارة الغابات والشلالات ومشاهدة الحيوانات والطيور النادرة، ولن يفوتنا السهر والسمر وحفلات الغناء والشواء.
أخذت “جزر القمر” اسمها من شكل جزرها الثلاث التي تبدو كهلال في مياه المحيط الهندي، وتقع قبالة سواحل شرق أفريقيا بين مدغشقر وموزمبيق، ويضم اتحاد جمهورية جزر القمر ثلاث جزر، هي القمر الكبرى، وموهيلي، وأنجوان، فضلاً عن عدد من الجزر الصغيرة، وتبلغ مساحتها 2612كم²، وتحظى بإمكانات سياحية مميزة، إلا أن ضعف البنية التحتية وعدم الاهتمام بالتسويق السياحي يضعانها في قائمة الوجهات المنسية.
من أين نبدأ؟
يمكننا قضاء وقت مميز في أي من الجزر الثلاث، وقد نستطيع في رحلة معدة جيداً لمدة 10 أيام زيارتها كلها. ستحط طائرتنا في جزيرة “القمر الكبرى” التي تحتضن المطار الدولي للجزر، لذا إذا أمضيتم يومين فيها، وثلاثة أيام بـ”موهيلي”، واثنين بـ”أنجوان”، ثم يومين أخيرين بالجزيرة الكبرى، فسيكون ذلك مثالياً ويجنبنا أي تعديل في مواعيد رحلة العودة للوطن. فالعمل بالمطار القمري ليس دقيقاً جداً في بعض الأحيان.
قائمة طعام لذيذة مزينة بالمانجو والأنانس
قبل الانطلاق، نطمئنكم إلى أن موائدكم ستكون عامرة ولذيذة. سنستكشف معاً الأطعمة القمرية التي تتميز بالحضور الشهي للمانجو والأناناس والموز، التي يتم استخدامها في الأطباق المالحة والحلوة، وسنجرب “الفرياب” الذي يتكون من قطع اللحم أو السمك مع الموز المقلي، وسنأخذ للتحلية فطائر مزينة بالموز والمانجو، وإن أردنا الحصول على مشروب منعش، فالأناناس طيّب ومتوفر.
يعرف القمريون أيضاً بعض الأطعمة العربية الشائعة، كالأرز باللبن، والثريد المعد من اللحم والأرز والخبز، كما يمكننا تذوق حساء الأرز المطحون مع اللحم، وسنحصل على التحلية من إحدى الغابات القريبة، فأشجار الفاكهة في كل مكان وثمارها لمن يجدها. إذن فلنقطف بعض المانجو.
أقوال جاهزة
سنحصل على التحلية من إحدى الغابات القريبة، فأشجار الفاكهة في كل مكان وثمارها لمن يجدها. إذن فلنقطف بعض المانجو.
سننتقل لزيارة المسجد الكبير في الجزيرة الكبرى، والذي يقول كثير من السكان المحليين إن أحداً لم يبنِه وإنما استيقظوا ذات صباح ووجدوه.
لننتظر في جزيرة موهيلي توافد السلاحف الضخمة إلى الشاطئ لتضع بيوضها قبل أن تعود مسرعة إلى المياه
ولا يمكننا تفويت الأسماك القمرية الشهية والزهيدة السعر، كالتونة والبغبغاء والمرلين، وللتحلية سنتناول “القودقودو”، وهو نوع من الحلوى التقليدية التي تشبه الكيك وتُصنع من الأرز والسكر. وفي انتظار وجبتنا، نحصل على “تصبيرة” من الموز الأخضر المشوي أو المسلوق والمزين بقطع المانجو والأناناس الطازجة.
جزيرة القمر الكبرى: لا تدعوا الشاطئ يأسركم
لقد وصلت طائرتنا لموروني، واليوم هو الأول على جزيرة القمر الكبرى، لمَ لا نضع أمتعتنا ونبدأ بالاسترخاء على الشاطئ، الذي سيبهركم، وقد تعتقدون أنكم ستقضون عطلتكم مسترخين على رماله في رضى ووداعة؟
ولكن تكفيكم هذه الساعات القليلة. فجدولنا السياحي حافل، لنأخذ سيارة الآن ونتجه لقلب موروني. يمكننا ركوب السيارات المشتركة، فسكان موروني ودودون ويرحبون بالسياح، ولن تكلفنا الرحلة سوى دولار ونصف الدولار تقريباً، وإن فضلنا سيارة خاصة فستكلفنا 12 دولاراً.
لنبدأ جولتنا بقلب موروني بتناول الطعام. ما رأيكم بالثريد؟ بعد المذاق المميز سننتقل لزيارة المسجد الكبير، والذي يقول كثير من السكان المحليين إن أحداً لم يبنِه وإنما استيقظوا ذات صباح ووجدوه.
بعد جولة بوسط المدينة، لم يزل لدينا متسع من الوقت. فلننتقل لغابات موروني الرائعة ونلتقط الصور للحيوانات البرية والطيور النادرة، قبل العودة للنزل البسيط والنظيف والذي قد يكلفنا بين 25 و 75 دولاراً لليلة.
مع بداية اليوم الثاني، لمَ لا نقوم باستئجار سيارة لزيارة شواطئ شمال الجزيرة الساحرة، فشاطئ ميتساميولي من أروع الشواطئ التي قد نراها، ومثله جراند كومور. يمكننا الاسترخاء وتناول مشروبات منعشة على رماله قبل أن نزور بحيرة لاكسلا، وهي بحيرة مالحة على الساحل، هناك ستحبون التقاط الصور، وستكلفنا السيارة 50 دولاراً في اليوم.
بعد العودة لمكان الإقامة والاستراحة قليلاً، سنستعد لليلة ساهرة على الطريقة القمرية. تبدأ حفلتنا في الثامنة مساءً وتمتد حتى الفجر. معظم النُزل والفنادق التي تستضيف السياح تنظم سهرات على الساحل تحييها فرق فنية شعبية، ويشاركها النزلاء في الغناء.
ولا يفوتكم الاستمتاع بوجبة من المشاوي على نغمات الموسيقى وصوت الأمواج، وإن كنتم تحبون تناول كأس من الخمر، فهذا متوافر في معظم أماكن السياح.
الليلة الماضية، كانت حافلة وتحتاجون للراحة، ولكن لا وقت لدينا، فاليوم تنطلق رحلتنا لجزيرة موهيلي، وستعودون قبل الرجوع للوطن، لموروني مجدداً، وعندها لن نفوّت تسلق جبل كارتالا البركاني، الذي يرتفع نحو 2300 متر. لذا فقد يستغرق التسلق يوماً كاملاً في رحلة مذهلة بين الغابات والشلالات والكهوف البركانية.
جزيرة موهيلي: استعدوا لمرافقة الحيتان والدلافين
من موروني إلى موهيلي، ننتقل في رحلة جوية داخلية تبلغ تكلفتها 150 دولاراً تقريباً، أو يمكننا أخذ قارب بتكلفة أقل ومتعة أكثر.
“موهيلي” هي الجزيرة القمرية الأصغر من حيث المساحة، إلا أنها الأجمل والأكثر جذباً للسياح، فضعوا أمتعتكم واستعدوا للغوص برفقة الحيتان والدلافين والسلاحف العملاقة، كما سترافقكم الحيتان الحدباء إن وافقت زيارتكم أشهر هجرتها الموسمية من يوليو حتى أكتوبر.
ويمكنكم الحصول على إقامة مميزة بمنتجع laka lodge المقابل لشاطئ ساحر داخل الحديقة البحرية الوطنية، بمبلغ يراوح بين 50 و 90 دولاراً لليلة، وهناك أماكن إقامة أخرى تبدأ من 20 دولاراً. أياً يكن المكان الذي ننزل به، لمَ لا نقضي اليوم الأول في الاسترخاء والسباحة على أحد أجمل شواطئ جزر القمر، والاستعداد لتناول عشاء خاص على ضوء الشموع وصدى الأمواج.
ونبدأ اليوم الثاني باكراً برحلة بحرية لمشاهدة الحيتان والدلافين، ولا تنسوا ملابس الغوص والسباحة لتصاحبوا تلك المخلوقات الضخمة. يمكن للفتيات ارتداء البيكيني إن أردن.
لاحقاً، نتناول غداءً من الأسماك اللذيذة بعد العودة للنزل، ثم نستعد لليلة صاخبة على الشاطئ ترافقها الموسيقى وحلقات الغناء والكاريوكي والمشاوي أيضاً. لا تسهروا كثيراً، فالغد حافل.
لقد أخبرناكم ألا تسهروا طويلاً، فيومنا الثالث بموهيلي يبدأ في الثالثة فجراً، لننتظر توافد السلاحف الضخمة إلى الشاطئ لتضع بيوضها قبل أن تعود مسرعة إلى المياه، وتضم الجزيرة متحفاً حياً يسمى «بيت السلاحف» يقصده كثيرون من المهتمين بالبيئة البحرية. لذا فلن نفوّت زيارته.
مكننا الآن أن نأخذ قارباً للجزيرة الثالثة أنجوان، وسيقوم النزل بترتيب تفاصيل الانتقال، فلا تهدروا وقتكم وواصلوا الاستمتاع بالشواطئ والغابات القمرية واستنشقوا عبير الورود الذي سيرافقكم من بداية الرحلة حتى نهايتها، فجزر القمر تنتج أفضل الزهور العطرية التي يتم تصديرها لفرنسا لإنتاج العطور الفاخرة.
أنجوان: رحلة للتاريخ والجمال
قبل أن نبدأ جولاتنا بأنجوان يجب أن تعرفوا أنها تشتهر باسم لؤلوة جزر القمر، وسننطلق من قممها الجبلية الكثيرة المغطاة بالأشجار والغابات الكثيفة والشلالات والأنهار. فاستعدوا للتسلق والتقاط الصور واستنشاق عبير الورود والقرنفل.
أيامنا السابقة كانت ممتعة ومرهقة أيضاً، لذا سنحظى بقليل من الراحة اليوم، في نُزل بسيطة تراوح أسعارها بين 20 و 50 دولاراً، وتوفر مطاعمها خيارات جيدة من الأطعمة، ولكن إن رغبتم بزيارة في المساء لسوق المدينة فستجدوا خيارات متعددة من المطاعم، وستبقى الأسماك الوجبة الأفضل والأرخص، ويمكنكم السهر قليلاً في أحد المقاهي بقلب الجزيرة.
في اليوم الثاني، سنزور المباني التاريخية القديمة الشهيرة بأنجوان، من بينها موتسامودو، وهي مدينة كبرى ذات هندسة معمارية مميزة، وفيها قلعة ومزارع عربية قديمة، ومنازل ومبانٍ أثرية تعود للقرن السابع عشر.
قبل أن ننطلق في رحلة عودتنا لموروني لاستكمال جولاتنا قبل العودة للوطن، سنقصد السوق القديمة بأنجوان لشراء البخور والملابس التقليدية القمرية والتذكارات والهدايا، ونستريح في أحد المقاهي بوسط الجزيرة لتناول المشروبات المنعشة.
ما يلزمكم لبدء رحلة للجنة القمرية
اللافت أن متطلبات السفر لجزر القمر ليست معقدة، وإن كنتم ممن لا يحبون تنسيق الإقامة والجولات، فيمكنكم الاتفاق مع إحدى شركات السياحة المحلية لترتيب برنامج الرحلة والإقامة والجولات السياحية بالجزر المختلفة.
بجواز السفر فقط
لا تحتاجون لدخول جزر القمر لإجراءات معقدة قد تستغرق شهوراً طويلة، أو لحساب مصرفي يتجاوز آلاف الدولارات. فأياً يكن البلد العربي الذي تحملون جنسيته، فكل ما تحتاجونه هو جواز سفر صالح لمدة 6 أشهر فقط، لتنهوا إجراءات الوصول في المطار الرئيسي مقابل رسوم زهيدة، بالإضافة إلى تذكرة العودة، وحجز الفندق الذي ستقيمون فيه.
الطقس وأفضل مواقيت السفر
تتميز جزر القمر بمناخ مداري معتدل بحكم موقعها الجغرافي، وتمر بفصلين فقط، وتراوح الحرارة خلال العام بين 19 و30 درجة، فمن مايو حتى نوفمبر تبلغ 19، وهو التوقيت الذي يفضله السياح. بينما تصل درجات الحرارة لأقصاها في مارس مسجلة 30 درجة مئوية، في موسم معتدل يميل إلى الحر من ديسمبر لأبريل.
رحلة جوية وتنقلات داخلية بسعر متوسط
يمكنكم الحصول على تذكرة ذهاب وعودة مقابل 300 دولار فقط إذا ابتعدتم عن الموسم السياحي القمري، حيث ترتفع أسعار التذاكر من مايو حتى نوفمبر. لذا إن كنتم من أصحاب الميزانيات المحدودة فيمكنكم تجنب هذه الفترة، ولن يفوتكم الكثير.
علماً أن أسعار الرحلات الجوية في مايو، أي في بداية الموسم السياحي القمري، متفاوتة بحسب بُعد البلدان. فقد بلغت قيمة الرحلة من الإمارات والكويت حوالي 600 دولار، ومن السودان 760 دولاراً، ومن القاهرة 800 دولار، ومن لبنان 875 دولاراً، ومن السعودية 920 دولاراً، وتتوقف معظم الرحلات في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا قبل الانطلاق لمطار الأمير سعيد إبراهيم الدولي بموروني.
أما عن تنقلاتكم الداخلية فيمكنكم التنقل بين الجزر الثلاث بطائرات صغيرة عبر مطارين محليين في موهيلي وأنجوان، أو باستخدام القوارب.
هيا للمغامرة!