إعلان في أعلي التدوينة
السياحة بحد ذاتها ترفيه.
نحن شعب ذوّاق للفنون، لكنا نعتمد على الفِرق الفنية الخارجية بعدما تم تجفيف منابعها محليًّا طيلة عقود خلت.. بيدي لا بيد عمرو. أما وقد عاد ضوء الفنون يشع من منابره فيا ليت ألا يتحول كل الترفيه إلى صخب ومَشاهد غير مألوفة، ولا يقتصر على حفلات "الهب هوب والراي" المصحوبة بالتلوث الصوتي والضوئي.. أصوات وأضواء مهيجة للأعصاب.. فلا بأس من مِلْح يرفع ضغط دم الشباب، إنما المسرح الغنائي يثري الفكر، وينعش المشاعر.. فالموسيقى العربية كموروث وكفن جميل تعكس حضارة آلاف السنين.. فالتخت العربي، والموسيقى الأندلسية، مهوى ذواقة الفن الأصيل.. جمال مظهر بقيمة فنية ومقام رفيع.
لِمَ لا نستضيف الأصوات الطربية الجميلة؟ فهناك مثلاً أطفال من العالم العربي، يملكون أصواتًا تنعش الوجدان، متعة للأسر والعرسان، والشباب الذوّاق للفن الراقي.
لا يغيب المسرح "أبو الفنون"؛ فهو ثقافة وذوق، وسياحة أدبية.. يرتاده هواة الثقافة والأدب المسرحي، يجسَّد من خلاله روايات وقصص الأدب العربي والعالمي، قديمه وحديثه.. كوميدي، تراجيدي.. حتى عروض الفانتازيا المسرحية تجسد ملاحم بصرية، في مزيج إبداعي بين المعاني الطبيعية والخيال؛ فالتقنية قادرة على تحويل الخيال إلى حقيقة مدهشة.
المهم أن تكون لجنة انتقاء الفعاليات والمتعهدين ذواقة لجميع أنواع الفنون، التي يمثل المسرح الغنائي أحد فنونها.. فيمكن استقطاب أفضل الفِرق المسرحية بأسعار مناسبة طوال العام، بما يتوافق مع مواسمهم الفنية.
السينما الفن السابع.. عشق العائلات متوسطة ومنخفضة الدخل، تعرض أحدث الأفلام العربية والهندية والغربية.. لقد بلغت تقنيتها سبعة أبعاد، ونتوقع انتشار القاعات المريحة في عموم مناطق السعودية ومحافظاتها، ويكون التنافس على الجودة والأسعار. سبعة فنون لا تخطئها السياحة والترفيه؛ إذ لا سياحة دون فنون..
الرياضة ثامن الفنون.. وأحد أوجه السياحة والترفيه الأسري؛ فنتمنى عودتها بثوب جديد.. إن شتى اللوحات الراقصة والإيهام البصري تعوضها عروض التقنية ذات الأبعاد السبعة. أما معارض الفنون التشكيلية فتعتبر مزارات تجارية للفنانين.
إن الترفيه والسياحة حق مشروع للمواطن والمقيم في بلدي، ونحن أدرى بما يناسب أذواقنا وقيمنا، ثم ما ينمي اقتصادنا، ولاسيما ونحن نستقبل ملايين الحجاج و المعتمرين.. فلا نقبل الوصاية على سيادتنا أبدًا..
لا توجد لدينا سياحة دينية، إنما لدينا أماكن مقدسة، لها إجلالها واحترامها، كما لدينا مليونا كيلومتر مربع أخرى، من حقنا أن نسيح فيها كما نشاء.. ولا عزاء للحساد والحاقدين.. فالدولة حارسة القيم، والرجل حارس أهله.
كاتب المقال / عبد الغني الشيخ